سورة الأنفال - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)}
{إِن تَسْتَفْتِحُواْ} خطاب للمشركين على سبيل التهكم فقد روي أنهم حين أرادوا الخروج تعلقوا باستار الكعبة وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين وأهدي الفئتين وأكرم الحزبين.
وفي رواية أن أبا جهل قال حين التقى الجمعان: اللهم ربنا ديننا القديم ودين محمد الحديث فأي الدينين كان أحب إليك وأرضى عنك فانصر أهله اليوم. والأول مروي عن الكلبي. والسدى، والمعنى إن تستنصروا لأعلى الجندين وأهداهما {فَقَدْ جَاءكُمُ الفتح} حيث نصر أعلاهما وأهداهما وقد زعمتم أنكم الأعلى والأهدى فالتهكم في المجيء أو فقد جاءكم الهلاك والذلة فالتهكم في نفس الفتح حيث وضع موضع ما يقاله {وَإِن تَنتَهُواْ} عن حراب الرسول عليه الصلاة والسلام ومعاداته {فَهُوَ} أي الانتهاء {خَيْرٌ لَّكُمْ} من الحراب الذي ذقتم بسببه ما ذقتم من القتل والأسر، ومبنى اعتبار أصل الخيرية في المفضل عليه هو التهكم {وَإِن تَعُودُواْ} أي إلى حرابه عليه الصلاة والسلام {نَعُدُّ} لما شاهدتموه من الفتح {وَلَن تُغْنِىَ} أي لن تدفع {عَنكُمْ فِئَتُكُمْ} جماعتكم التي تجمعونها وتستغيثون بها {شَيْئًا} من الاغناء أو المضار {وَلَوْ كَثُرَتْ} تلك الفئة وقرئ {وَلَنْ يُغْنِى} بالياء التحتانية لأن تأنيث الفئة غير حقيقي وللفصل ونصب شيئاف على أنه مفعول مطلق أو مفعول به، وجملة ولو كثرت في الموضع الحال {وَأَنَّ الله مَعَ} أي ولأن الله تعالى معين المؤمنين كان ذلك أو والأمر أن الله سبحانه معهم، وقرأ الأكثر {المسلمين وَأَنْ} بالكسر على الاستئناف، قيل: وهي أوجه من قراءة الفتح لأن الجملة حينئذ تذييل، كأنه قيل: القصد اعلاء أمر المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وكيت وكيت، وإن سنة الله تعالى جارية في نصر المؤمنين وخذلان الكافرين، وهذا وإن أمكن اجراؤه على قراءة الفتح لكن قراءة الكسر نص فيه، ويؤيدها قراءة ابن مسعود {والله مَعَ المؤمنين}، وروي عن عطاء. وأبي بن كعب، وإليه ذهب أبو علي الجبائي أن الخطاب للمؤمنين، والمعنى إن تستنصروا فقد جاءكم النصر وإن تنتهوا عن التكاسل والرغبة عما يرغب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو خير لكم من كل شيء لما أنه مدار لسعادة الدارين وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالانكار وتهييج العدو ولن تغني عنكم حينئذ كثرتكم إذ لم يكن الله تعالى معكم بالنصر والأمر ان الله سبحانه مع الكاملين في الإيمان، ويفهم كلام بعضهم أن الخطاب في {تَسْتَفْتِحُواْ} و{جَاءكُمْ} للمؤمنين، وفيما بعده للمشركين ولا يخفى أنه خلاف الظاهر جدًا، وأيد كون الخطاب في الجميع للمؤمنين بقوله تعالى:


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20)}
{المؤمنين يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْاْ} أي تتولوا، وقرئ بتشديد التاء {عَنْهُ} أي عن الرسول وأعيد الضمير إليه عليه الصلاة والسلام ون المقصود طاعته صلى الله عليه وسلم، وذكر طاعة الله تعالى توطئة لطاعته وهي مستلزمة لطاعة الله تعالى لأنه مبلغ عنه فكان الراجع إليه كالراجع إلى الله تعالى ورسوله وقيل: الضمير للجهاد، وقيل: للأمر الذي دل عليه الطاعة؛ والتولي مجاز، وقوله تعالى: {وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} جملة حالة واردة لتأكيد وجوب الانتهاء عن التولي مطلقًا لا لتقييد النهي عنه بحال السماع: أي لا تتولوا عنه والحال أنكم تسمعون القرآن الناطق بوجوب طاعته والمواعظ الزاجرة عن مخالفته سماع تفهم واذعان، وقد يراد بالسماع التصديق، وقد يبقى الكلام على ظاهره من غير ارتكاب تجوز أصلًا، وقوله سبحانه:


{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21)}
{وَلاَ تَكُونُواْ} تقريرًا لما قبله أي لا تكونوا خالفة الأمر والنهي {كالذين قَالُواْ سَمِعْنَا} كالكفرة والمنافقين الذين يدعون السماع {وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} أي سماعًا ينتفعون به لأنهم لا يصدقون ما سمعوه ولا يفهمونه حق فهمه والجملة في موضع الحال من ضمير قالوا: والمنفى سماع خاص لكنه أتي به مطلقًا للاشارة إلى أنهم نزلوا منزلة من لم يسمع أصلًا بجعل سماعهم كالعدم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10